الاثنين، 10 أغسطس 2015

رائحة الموت

كان هربي من حرارة الجو قد دفعني للنوم.. استيقظت، و إذ بها بداية الليل
الحرارة لا تزال عالقة في ذرات الغبار.. في المسافات ما بين الخلايا الحية، و الغير حية، و في أجسادنا، و حتى في ماء الصنبور
اقتربت من الشرفة و أنا في نصف وعيي، و إذ بي أشتم تلك الرائحة.. رائحة مألوفة لكنني لم أميزها للوهلة الأولى، إلا أنني شعرت بالسوء البالغ عندما دخلت تلك الرائحة أنفي.. ليس لكونها رائحة كريهة قدرما أنها قد ذكرتني بإحدى أسوأ الذكريات في حياتي..

للروائح سحر ما.. قدرة عجيبة على نهش ذكرياتك، حتى تلك التي ظننت أنها قد آلت للنسيان منها
ذلك العطر الذي أحتفظ به لعمي كي يذكرني به، و رائحة بعض من أحببتهم التي كنت أميزها من على بُعد أمتار.. لطالما أشعرتني الروائح بالحنين..
أما رائحة اليوم.. تلك الرائحة، فقد كان الشعور بالألم مُضاعفا..
أنت تعلم أن الحنين يؤلم كثيرا.. شعور يمتزع قلبك من أضلاعك، و يتركك خاويا.. 

هذا ما حدث بالأمس.. استيقظت لأجد الصبارة خاصتي قد بدأت في الذبول.. سبقها أيام من الشحوب و الاصفرار في هذا الجو الحار.. حاولت إنقاذها من الجفاف بجرعة ماء مبكرة، لكن ذلك لم ينقذها البتة..
قضيت اليوم كاملا في محاولة البحث عن طريقة لإنقاذها.. سألت الكثير من الأشخاص.. كنت أشعر بالسوء البالغ 
و عندما انتصف النهار غلبني النوم، و استيقظت لأشتم تلك الرائحة
الرائحة التي ذكرتني بهذا اليوم منذ سنوات.. عندما كنت مارة على أحد الحجرات، و خطر لي أن أتفقد السلحفاة خاصتي رغم تفقدي لها من خمس دقائق مضوا..
كانت السلحفاة قد تعرضت لحادثة لن أخوض في تفاصيلها، أو تفاصيل ما حدث لها؛ حيث أن هذا التفاصيل تمزقني و أنا أسردها..
دخلت عليها، و كانت قد توقفتت عن الأنين، و صاحبتها هذه الرائحة الغريبة.. نظرت لها لأجدها ما زالت حية.. إلا أن تلك كانت لحظاتها الأخيرة.. شاهدتها و هي تلفظ أنفاسها الأخيرة، و ما زلت أتذكر وجهها آنذاك..
وقتها.. كنت أشعر بمشاعر مختلطة.. بالطبع ألم من فراقها بعد عشر سنوات كاملة، و أيضا القليل من الراحة.. حيث أنها كانت تتألم كثيرا، فربما لو كان لا بد من الرحيل، فالعجلة فيه رحمة..
و الكثير من الذنب.. شعرت بالكثير من الذنب، و المسئولية حيال ما حدث لها
فلماذا بحق الجحيم أشتم هذه الرائحة الآن؟ حيثما تمكث صبارتي؟

ما زلت أسير في خطوات انقاذها آملة أن تفلح.. لكنني ما زلت أشتم تلك الرائحة اللعينة.. رائحة الموت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق