الجمعة، 21 نوفمبر 2014

حياتي مع الحجاب

كنت فرحانة قوي بتِوَك الشعر الجديدة اللي ماما جابتها لي..
كان فيه اتنين لونهم بمبى، و واحدة زرقا كدة، و كان الفصل كله بيشيد بجمالهم
و أنا بالبس الطرحة البيضا لأول مرة ماكنتش متضايقة، في النهاية كان دا اختياري (دا لو هنطلق على قرار طفلة عندها 11 سنة اختيار يعني!)
لكني ماكنتش قادرة أتوقف عن التفكير في التوكة الجديدة اللي مش هالبسها تاني

الكل اتفاجئ بشكلي، و لي أصحاب باركولي.. أمي كانت أكتر واحدة فرحانة إن عندها بنت عاقلة أصرت تعمل الصح، و تتحجب من بدري

بس كنت باحلم بكوابيس.. عن إني في يوم نزلت و نسيت ألبس الطرحة، كنت باقوم من النوم مفزوعة كأن الناس كلها شافتني عريانة
و كنت بامشي في الشارع و أنا بافكر ازاي لو كنت مالبستش الطرحة كان زماني باخد ذنوب على كل شعراية باينة، و اتأثرت قوي و خفت لما سمعت الشيخ بيقول إن اللي مش بيتحجبوا هيتعلقوا من شعرهم يوم القيامة، و هيفضلوا يتعذبوا، و كنت برضو سمعت إن لما واحدة بتتحجب و اتمنت أمنية بتتحقق لها.. ساعتها ماعرفش ليه اتمنيت أخلص حفظ القرآن كله.. يمكن عشان حنان ترك اتمنت كدة.. و يمكن عشان قالولي و أنا صغيرة إن اللي حافظ قرآن أكتر هيقرأه في الآخرة و ربنا هيفضل يرفعه لجناته على قد ما هو حافظ

مرة في حصة الألعاب واحدة صاحبتي قالت لي "دوخيني"
و للي مايعرفش.. دي لعبة ظريفة اتنين بيمسكوا ايد بعض و يخلوا رجليهم محور تمركز، و يطلقوا العنان لجسمهم إنه يلف في دايرة
كنت باحب ألعبها، و قلت لها ماشي.. بس دي كانت آخر مرة لعبت فيها "دوخيني" عشان لما خلصت اللفة المرة دي الطرحة اترفعت، و شعري بان ، و كنت محرجة و مكسوفة قوي، و اليوم دا لما روحت البيت عيطت، و قررت مالعبش اللعبة دي تاني، و لا أعمل أي حركة تعرضني لموقف زي دا
تصرفاتي بقت زي تصرفات سيدة مسنة في جسد طفلة!

لما ابتدت مدرستي تبعد شوية عن بيتي في ثانوي، بدأت أتفاجئ بالتحرش.. ماكنتش فاهمة ليه ممكن واحد يضايق بنت رايحة مدرستها و في حالها.. و كنت شبه باعيط كل يوم
مرة و أنا رايحة في الطريق واحد ضايقني، بس المرة دي أثرت فيا قوي.. خدش حياءي بكلامه، و أنا كملت مشي
ماما قالت لي و أنا صغيرة إن البنت المحترمة المفروض تعمل إنها مش سامعة حاجة لو اتعاكست
كملت مشي و أنا مصدومة و مكتئبة.. بخطوة مترنحة وصلت المدرسة متأخر 10 دقائق
أول ما مدرسة على الباب جت تسألني اتأخرتي ليه انفجرت في العياط بطريقة هستيرية
ماكنش حد عارف أنا باعيط ليه.. و لا أنا كمان.. ماكنتش عارفة أنا باعيط على ايه و لا ايه

كنت بافضل ألوم نفسي كتير على لبسي.. و أحاسب نفسي مليون مرة لما أرجع البيت
مرة قررت أخرج و أنا شكلي وحش
انتوا عارفين إن مافيش بنت وحشة.. بس فيه بنت مابتهتمش بنفسها.. اليوم دا تحديدا خرجت بدون أي اهتمام بمظهري
ماعرفش دي مجرد صدفة و لا لا.. بس ماحدش كلمني كلمة و لا بص لي أصلا
رجعت البيت بصيت في المراية.. اتضايقت!!
سألت نفسي هو أنا المفروض أكون شبه الغفر عشان ماحدش يكلمني؟!
حسيت إن مش دا الحل
و كنت حيرانة.. دا أنا اتحجبت عشان أمنع الفتنة و ماكونش عرضة للمضايقة بالشكل دا
بس كل بنت بتبقى عايزة تحس بأنوثتها.. دي فطرة فيها.. ازاي منطقي أقاوم الفطرة دي!!

لمدة سنوات كرهت نفسي، و كرهت أنوثتي
و فضلت سنوات ألعن اليوم اللي اتولدت فيه أنثى.. كنت باحسد الولاد قوي، و كان نفسي أبقى ولد، و لو كان بإيدي أتحول لولد في لحظة ماكنتش تراجعت
ماكنتش حاسة إني جميلة، و كنت باكره جسمي، و أي جزء جميل فيه، و أي حاجة كانت سبب في إن حد يتعرض لي في الشارع
كنت باخجل و أستعر و أتبرأ من أنوثتي.

أنا فاكرة في الفصل كان معانا بنت اسمها هند.. كانت محجبة
دخلت الفصل في يوم من غير طرحة.. اتصدمت
واحدة راحت تقول لها: "ايه دا يا هند؟" و لسة هتكمل، فصاحبة هند ردت عليها : "أيوة هي سافلة و قلعت الحجاب، كل واحدة في حالها بقى"
 كل البنات في الفصل كانوا بيبصوا لها بطريقة غريبة، نظرات فيها احتقار و اشمئزاز
كان اليوم دا عندنا امتحان.. هند طلبت قلم زيادة عشان تكتب به.. كلهم بصوا لها بقرف و ماحدش عبرها
قمت أنا اديتها قلم لما لقيتها محتاسة..
روحت البيت و أنا زعلانة قوي، و قلت لماما إن فيه بنت قلعت الحجاب، و إني زعلانة عليها
اتفاجئت إن أحد قريباتي الكبار لما سمعت الحكاية قالت لي "عاملوها وحش لحد ما تلبسه تاني"

فاكرة مدرس العربي اللي كان بيدخل الفصل يضايق صاحبتنا ريهام عشان بشعرها و كانت بتعيط من كلامه، و كلنا كنا بنبقى شايفينه صح و هي اللي غلط، و بطريقة ما كنا بنسكت على اللي هو بيعمله.. أهالينا ربونا على إن دا الصح..

دخلت الجامعة.. و احتكاكي بالمجتمع زاد
حسيت إن فيه حاجة غلط فيا.. و إني متعقدة من أنوثتي، و مش عارفة أداريها ازاي كأنها حاجة عيب
بعد فترة بدأت أتصالح مع نفسي، و أحب نفسي.. بس ماكنتش راضية عن مظهري لما بابص في المراية
كنت باتضايق لما حد يقول لي "يا مدام" ماكنتش عارفة دا بسبب زيادة وزني، و لا طريقة لبسي
بس كنت باتضايق

مرة من حوالي سنتين جالي سؤال على موقع أسك عن الحجاب.. و جاوبت إنه أكتر من مجرد قماشة.. دا مكمل للأخلاق و الفضيلة و إلخ..
بس ماكنتش واخدة بالي إن الناس سابت المعنى، و مسكت في حتة القماشة.. و بقى الحجاب رمز العفة، رغم إنه برضو مجرد قماشة

فيه حاجات كتير حرمت نفسي منها، حاجات كتير ماعملتهاش.. كنت باحس إن عمري بيفوت و أنا مش عايشة سني

مش حجابي كان اختياري؟ طب ليه مش عارفة أختار إني أخلعه؟
عارفين المثل اللي بيقول لك "دخول الحمام مش زي خروجه؟" أهو نفس الطريقة
"دلوقتي تقلعي الحجاب، و بكرة الله أعلم هنجيبك منين.." 
حتة القماشة دي أخدت أكبر من حجمها السنين اللي فاتوا.. كأن اللي لابساها دي مش إنسانة، و ماتقدرش تتحكم في تصرفاتها
و كأنهم مش عارفين إن اللي عايز يعمل حاجة بيعملها، و اللي مش عايز بيتحكم في نفسه، و الحجاب مالوش أي علاقة
و اكتشفت إن ممكن الأهل يكرهوا بنتهم في لحظة، و يتبرأوا منها بسبب حتة القماشة أم متر و نص دي.. آه و الله

أنا كنت مدخرة كلام كتير لبعد ما أخلع الحجاب.. بس مابقتش تفرق عموما.. كل الناس عارفة موقفي الحالي من الشئ دا.. حاجة بسيطة بس هيمنت على حياتي بطريقة أخدت منحنى سئ
أنا مش بادعو لخلع الحجاب، و لا بادعو لشئ أصلا.. كل واحدة تعمل اللي مقتنعة به، بس الفكرة.. إن معظم البنات مش عارفة تعمل اللي مقتنعة به.. دا يخليني مش قادرة أقول حتى: "يا بنتي اعملي اللي انتي عايزاه" 
حتى دي صعبة!
لو حد مش عايز يعرفني عشان موقفي من "الحجاب" مختلف عن موقفه يتفضل من حياتي من دلوقتي و مايستناش لما أقلعه فعلا.. عشان أنا عايزة الناس اللي حواليا تقبلني زي ما أنا، وتكون قادرة تتقبل الاختلاف.

-يُتبَع-

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

جدير بالإعجاب أيا كان

كنت في قطار الأنفاق.. منهكة جراء يوم طويل ، شاردة أطيل النظر إلى ما تقع عليه عيناي
إلا أن الناس لم يكونوا ودودين حقا.. لا أحد يحب أن ينظر إليه أحد على أي حال، فأشحت بنظري إلى النافذة و فقط
لكن.. كنت لا زلت أرى انعكاسات الأقدام، و من بين كل الأحذية لمحت قدمين انتعلتا صندل يُظهر منهما أكثر مما يخفي

كما تعلمون.. الصنادل ذوات الأصبع هي صيحة هذه السنة
لكنها لم تكن تليق بجميع الفتيات حقا.. أساءت الكثيرات ارتداءها.. و أكثر ما انزعجت منه هو عدم اختيارهن لمقاسهن الصحيح، فتبرز أصابعهن من الصندل، و يبدين كمن انتعلت شبشب أختها الصغرى
لكن ما رأيته كان مختلفا.. لا أعاني هوسا بالأقدام أو ما شابه، لكنني أُقَدِّر الجمال عندما أراه.. أصابع أقدام تلك الفتاة كانت رائعة حقا.. كانت تظهر أنوثة كبيرة، و رقة رغم أن مقاسها لم يكن صغيرا
كانت تضع اللون التقليدي لطلاء الأظافر.. الأحمر
إلا أنه لاءمها جدا! كان يتماشى تماما مع بشرتها.. لقدميها تلك البشرة البيضاء، بيضاء لكنها ليست شاحبة

هل سيكون من الغريب جدا أن أذهب و أخبرها بإعجابي بقدميها؟
اعتدت أن أخبر الجميع بالإطراءات، حتى من لا أعرفهم.. لكن في هذه الحالة سيكون الأمر مخيفا قليلا
على الأرجح أن هذه الفتاة تعرضت للمطاردات الكثيرة من قِبَل الفيتش 
ليس لدي شئ ضدهم، و لا ضد طبيعتهم، لكن كثيرا ما يكونوا مزعجين، و متطفلين، و ملاحقتهم تصيب المرء بالضجر و الاستياء

قررت أنني سأكتفي بالنظر لوجهها، فقط لأرى هل وجهها بجمال  قدميها أم لا
بحثت عن موقع القدم على زجاج النافذة؛ لأحدد مكان الفتاة
ارتبكت..
فقد كانت هذه الفتاة.. هي أنا!